البحوث القرآنية (2) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
البحوث القرآنية (2) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الرحمن الرحيم القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد )عليهم السلام( فيما اسروا وما اعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني ، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمه للخلائق اجمعين سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرينولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

القرآن معجزة الاسلام التي لايُنتهى منها ..

كنا قد ذكرنا في المحاضره السابقه من بحوثنا القرآنيه هذه أنّ من اوجه كون القرآن اعجوبه ومعجزه لامثيل لها انه لايزداد على كثرة الدرس والترديد والبحث والاطلاع ، لايزداد إلا نضاره ويظل غضا يتجدد على مر الازمنه لا يُمل منه ولا يترك ، وكأنه يجدد نفسه وكأنه يخاطبك بلسان جديد بمعنى جديد في كل آن ، مع أنّ اللفظ هو واحد لم يتغير وقلنا بأن هذا مما نحج به الامم الاخرى ونقول هذه معجزت الاسلام . هذه هي اعجوبت الاسلام التي جاء بها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله (تبارك وتعالى) .
كيف يفهم الصينيون مثلا معجزة القرآن وهو باللغه العربية ؟

ولكن هنا قد يوجه من بعض تلك الامم سؤال اعتراضي يقول هذا السؤال إن كان الامر على ماتزعمون فإن قرآنكم هذا يكون الله (عز وجل) ــ والعياذ بالله ــ ظالم بأن جعله هي المعجزه الداله على دينه لماذا؟ لأنه انما هو مكتوب بلغتكم ، نحن مثلا الصينيون لا نفهم القرآن نحن الغربييون لانفهم القرآن نحن الافارقه لانفهم القرآن نحن الروسييون ، لانفهم القرآن لأنه لم ينزل بلغتنا فكيف لنا أن نؤمن بأن هذا الكتاب اعجوبه ومعجزه ولا يتمكن احد بأن يتأتي احد بمثيله ، وانه معجزه يحجنا الله (عز وجل) بها حتى نؤمن بدينه ؟ وهو لم ينزل هذا القرآن بلغه يفهمها كل البشر حتى تكون معجزه تترائى امام كل البشر . الله انزل قرآنكم باللغه العربيه فحرم سائر البشر مما لايتقنون هذه اللغه ، حرمهم من أن يقفوا على هذه المعجزه ويتأكدوا منها .
ولا يمكن لنا أن نسلم بقولكم انتم انكم انتم العرب لاتستطيعون أن تأتو بمثل آيه من هذا القرآن وانه اعجوبه ومعجزه بالنسبه اليكم .. مايدرينا أنّ قولكم صحيح لعلكم تنحازون الى هذا الكتاب بنحو ما لهوى ما .

نحن في المقابل معاجز غير مختصه بأناس دون آخرين ..

ثم يقول هذا المعترض نحن في المقابل نملك معاجز ماكانت مختصه باناس دون اناس فمثلا يقول اليهود نبينا موسى (على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام)  لما فلق البحر بعصاه او لما تحولت عصاه الى ثعبان ، وغير ذلك من معاجزه .. هذه المعاجز حتى يقف عليها المرء ماكان يحتاج لأن يتعلم لغه .. ما كما هو الامر بالنسبه اليكم الآن اي انه لم يكن امرا معسورا كل انسان كان يتمكن من أن يتأكد أنّ هذه معجزه لأنه يرى بعينيه سواء كان عالم ام جاهل كبير ام صغير الكل شاهد امرا خارقا للطبيعه ولا يمكن لأحد أن يأتي بمثله لذا هذه معجزه حقا .
حتى نعرف معجزة القرآن نحتاج لسنوات وهو امر معسور بالنسبه الى غير العرب

اما القرآن فليس هكذا حتى نعرف انه معجزه فإنا نحتاج لأن نتعلم اللغه اولا وهذا يطول لسنوات ، وهو امر معسور نحن مشغولون في حياتنا وفي شؤننا ونريد أن نعمل ونكد على عيالينا ، فأنّى لنا الوقت في أن نفعل هذا كذلك . يقول النصارى نبينا عيسى المسيح (على نبينا وآله وعليه صلوات الله ) او إلاهنا لأنهم يعتقدون فيه الالوهيه ــ والعياذ بالله ــ يقولون حينما جاء بالمعاجز كان الجميع يستطيعون أن يقفون عليها ويشاهدونها ، بخلاف معجزت نبيكم انتم تحتاج منا أن نتعلم اللغه العربيه اولا ، ثم أن نزداد فقها في اللغه العربيه نصبح مثلا ادباء متمكنين من اللغه بنحو ما بحيث نستطيع أن نفهم هذا الكتاب لأنه على مستوى بلاغي عال ، فحتى نقارنه ونقول ليس هنالك اعجب من القرآن في نظمه وسبكه والفاظه وترتيبه هذا امر يحتاج منا جميعا أن نصبح ادباء في اللغه العربيه..
فيقولون هذا ظلم من الله (والعياذ بالله) فلذا تبطل حجتكم أنّ القرآن معجز لأنه مخصص لفئه من البشر وحتى هذه الفئه لاتفهم القرآن ، تعال واسأل الواحد منهم ما معنى مثلا اي آيه من القرآن ولتكن من هذه الآيات التي تردد يوميا ، يعني مثلا سله مامعنى{ومن شر النفاثات في العقد} ما يعلم ما يعرف الجواب خصوصا الشباب .. {الوسواس الخناس} مامعنى الخناس ؟ مايعرف {قل هو الله احد الله الصمد الصمد}، هم مايعرف لايستطيع أن يفسر لأنه ليس خبير باللغه فإذا معجزتكم هذه تحتاج فقط الى الصفوه من العرب الذي درسوا اللغه العربيه جيدا وفهموها جيدا وصاروا على مستوى من التفقه في اللغه ، بحيث يتمكنون من أن يميزوا بين القرآن وغيره فيقولون مثلا أن القرآن معجز اعجوبه ليس له مثيل ليس له نظير .

ما الجواب على هذا الاعتراض؟

الجواب من نقطتين دققوا جيدا النقطه الاولى:
انا لاندعي أنّ معجزت الاسلام ونبي الاسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) تنحصر بالقرآن الحكيم هذه المعجزه الكبرى الخالده لكن لدينا معاجز اخرى اتت بها الروايات والآثار عن عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى اكثر من مئة معجزه لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومامن  معجزه من معاجز الانبياء السابقين إلا واوتي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) مثلها او اعظم منها ، كما جاء عن امير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلم) في فحواه ومضمونه فلئن كان عيسى (على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام) احيا الموتى فإن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) احيا الموتى ،  ولإن كانوا الانبياء السابقون قد تصرفوا في الطبيعه فإن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تصرف في الطبيعه وشق القمر الى غيرها من معاجز كثيره ، من شاء فاليراجع كتب الآثار في هذا الشأن ومن بينها كتاب الثاقب في المناقب للعالم الجليل ابن حمزه الطوسي رضوان الله عليه ..

وكذا كتاب مدينة المعاجز للعالم الجليل السيد هاشم البحراني رضوان الله عليه ، وكذا موسوعه البحار للعالم الجليل في الابواب والمعاجز الخاصه بنبينا(صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرها من الكتب والموسوعات التي تناولت هذا الشأن .
فإن قال المعترض انما هي رواياتكم انتم وضعتموها لنبيكم ونحن لم نشهد تلك المعاجز ، قلنا وهذا امر يرتد عليكم انتم تروون معاجز عن انبيائكم ونحن لم نشهدها فإن قلتم تواترت عندنا نقول لكم ونحن ايضا تواترت بمجموعها عندنا .

الحسين ابن علي صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما معجزة الاسلام الخالدة ..
فإذا هذه هي النقطه الاولى ليس امر الاسلام متوقفا فقط على معجزه واحده هي القرآن ، هذه المعجزه الاكبر العظمى لاشك ولاريب المعجزه الخالده لكن هنالك معاجز اخرى كثيره لكن القرآن يطغى على تلك المعاجز ، هذه النقطه الاولى وللعلم وكما نبهنا اليه سابقا في بعض محاضراتنا ولعل ذلك كان في الليالي الحسينيه لهذه السنه او السنه الماضيه انا قلنا ان من معاجز الاسلام الحسين ابن علي (صلوات الله عليها وآلها وسلم) فإن كل ما نجده في القرآن من جهة انه على كثرة الدرس وكثرة البحث لا يبلى ولايخلق وانما يتجدد ، كذلك قضية الامام الحسين (صلوات الله عليها وآلها وسلم) كلما بحث فيها الباحثون وكلما ترددت على الالسن وكلما تنوقلت بين الناس فإن الناس لايملون منها ويضل الباحثون والمفكرون والعظماء يبحثون في القضيه الحسينيه وابعادها وهي تتجدد لهم في كل آن وتظهر لهم الاعاجيب في كل آن ويستنبطون منها القيم في كل آن ..
ولا تقتل بحثا ابدا ولا تمل وهاتوا لنا حادثه اخرى كحادثة الطف هكذا تبحث على مر الازمنه ويؤلف بها المؤلفون الكتب والموسوعات وتضل تبحث وتبحث ويحار فيها المفكرون ، هاتوا لنا حادثه اخرى لاتجدون هاتوا لنا قصه اخرى تضل تردد في كل يوم ولا يمل منها السامع ، الآن انت تعال واعقد مجلسا واحكي فيه مثلا قصة ملك من الملوك ، هكذا حصل هكذا قتل من قتل ، انتهى الموضوع تآخذ ساعه ثاني يوم إذا جئت او الاسبوع القادم وجئت ونقلت نفس القصه يمل من ذلك يقال لك غير بدل جيب لنا قصه اخرى كافي بعد ملينا من هذا الموضوع ، الا قصة الحسين الشهيد (صلى الله عليه وآله وسلم)، سبحان الله في كل يوم هنالك مجلس في كل اسبوع في كل شهر كل سنه المجالس الحسينيه على مدار العالم والانسان يحظر هذه المجالس دائما وابدا اسبوعيا ، بعض الحسينيات يوميا عندهم ويسمع نفس الكلام ، خصوصا في آخر المحاضره مثلا حينما يقرأ الخطيب المصيبه نفس الكلام يسمعه انه هكذا حصل ، والناس مع انها سمعت هذا الكلام آلاف المرات لاتمل منه وانما تضل الناس تتفاعل مع القضيه ، وتنهمر معها الدموع .
كما أن القرآن معجزة الاسلام الخالدة كذلك السبط الشهيد الحسين (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزة الاسلام الخالدة ..

هل تجد قصه اخرى نالت كل هذا على مر الزمن ؟ لاتجد ماعندك هذه اعجوبه مع أنّ هذه القصه ترتبط بمعركه ذات ساعات قليله وعدد القتله فيها لم يتجاوز المئه ، وحادثه وقعت في لحضه من لحظات التاريخ مع ذلك اشغلت العالم ودوخته الى الآن .. هذه معجزه للإسلام كما أنّ القرآن دوخ العالم وهو معجزه للإسلام لاشك ولاريب كما انا نتحدى الامم بالقرآن نتحداها ايضا بالحسين (صلى الله عليه وآله وسلم)فإذا هذه هي النقطه الاولى لاندعي أنّ القرآن هي المعجزه الحصريه للإسلام كلا او الاعجوبه الحصريه للإسلام ، كلا ليس الامر هكذا وانما هو احدى المعاجز احدى الاعاجيب وإن كان هو المعجزه الابرز الاعظم الاكبر والمعجزه الخالده .

النقطة الثانية :

فإنا نقول أنّ تلك المعاجز التي تحتجون بها للأنبياء (على نبينا وآله وعليهم افضل الصلاة والسلام) ايضا كانت محصور الوقوف عليها ، محصور على اناس دون اناس بمعنى أنّ معاينة المعجزه والوقوف عليها كان يقتصر على من كان يعيش في ذلك الزمان وحاضرا في ارض المعجزه ، معجزت موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) مثلا لا نتمكن الآن من أن نشهدها وأن نقف عليها ونتأكد منها منذا يدعي الآن انه يستطيع ان يقف على معجزت موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)  بغير النقل اني اتحدث عن المعاينه يعني مباشره انت تقف على المعجزه تتأكد منها تتمكن الآن ان ترجع بالزمن الى الوراء حتى تكون في عصر موسى عليه السلام وتشاهد ماصنع لااحد يتمكن من ذلك المعجزه تلك كان يتوقف امر التأكد من كونها معجزه او الوقوف عليها او معاينتها كان كل ذلك يتوقف على ان يكون الانسان حيا في ذلك الزمان ويعيش في نفس الرقعه الجغرافيه التي يعيش فيها صاحب المعجزه فمن كان في اليمن مثلا لايمكن ان يشاهد المعجزه لابد من ان يكون في مصر ليشاهد تلك المعجزه
وكذا سائر المعاجز الاخرى لايتمكن احد من البشر اليوم انه يقف عليها لأنه لايمكن ان يرجع بالزمن الى الوراء فإذا اشكالك حينما تقول يا ايها المعترض اليهودي او النصراني او اي طائفه اشكالك حينما تقول انه معجزتكم هذه منحصره بأناس تقتصر على اناس بخلاف معاجزنا هذا اصلا اشكال واهم اشكال سخيف صاقط من اصلها لماذا ؟
لأن معجزتك كذلك التي تستدل بها هي هكذا لكن هاهنا فرقا فرق مهم أنّ الذي يريد أن يقف على معجزه الاسلام اليوم يستطيع أن يقف على هذه المعجزه ، غاية ماهنالك يحتاج بعض المقدمات يطوي بعض المراحل ويستطيع أن يعاين معجزت القرآن ، بنفسه لايحتاج لأحد أن يخبره بذلك يقف عليها بنفسه ويتأكد منها بنفسه يتعلم اللغه العربيه ويتعمق في ادب اللغه وفي بلاغة اللغه وفصاحة اللغه ثم يقرأ القرآن ويقارنه بغيره .. فلايجد أنّ كتابا يعلوا على القرآن ويعلم انه لا يستطيع أن يأتي به بشر ، ثم يقول لقد عاينت المعجزه بنفسي ..

معجزت القرآن حاضرة يستطيع الجميع معاينتها ..

 لأن هذه المعجزه خالده مستمر تتجدد كما قلنا فأنت بإمكانك أن تقف عليها مباشره بخلاف المعاجز الاخرى لاتستطيع أن ترجع بالزمن الى الوراء ، لاتتمكن أن تعاين تلك المعاجز ، فإذا إذا كان اشكالك أنّ القرآن معجزته انما تقتصر على العرب وعلى مثلا ادباء اللغه من العرب ، فإن معجزتك انت كانت تقتصر على جماعه محدوده في زمن خاص محدود من الازمان الغابره ، ولا يتمكن احد من يعاين تلك المعاجز ابدا يتمكن بطريق واحد هذا الطريق انه يتعلم علوم اللغه العربيه فيكتشف أنّ القرآن كتاب لا يمكن أن يأتي به احد من البشر ، وهو فوق مستوى البشر فلابد انه معجزه وحين ذاك يصدق بما جاء بالقرآن ، ومن جملة ماجاء في القران الاخبار بتلك المعاجز ..
الطريق الوحيد هو القرآن الكريم فقط ..
هذا هو الطريق الوحيد اما اذا افترضنا انه يقرأ الكتاب المقدس لليهود والنصارى فإنه لايستطيع أن يصدق ، اولا هو مليئ بالتناقضات حتى في نسب النبي المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)  هنالك تناقض في نسبه في الاناجيل الاربعه ، كتاب متناقض فيسقط عن الاعتبار لااحد يعول عليه .
هات لنا عالم غربي حقيقي يؤمن بهذا الكتاب لا احد يؤمن ليست فيه مسحت الاعجاز كتاب عادي ومليئ بالتناقض ومليء بالخزعبلات ايضا والامور ، التي لا يمكن ان يقبلها الانسان على انها صادره من خالق الكون ، يعني هذا الخطاب لايصدق انه من خالق الكون بالستثناء بعض الامور التي القلب يشعر بأنها نعم يمكن أن تكون من مشكاة الوحي هذا فحسب ، ولايرى فيه اعجازا ولا اعجوبه اطلاقا لايرى فيه شيء إلا القرآن ، فإذا ايهما هنا هو المنتصر ايهما يحق له أن يرفع رأسه مفتخرا هذا الذي معجزته تنحصر برقعه جغرافيه محددة وزمان محدد كاليهود والنصارى ، ام ذاك الذي معجزته له مثل تلك المعاجز التي كانت تصرف في النواميس الطبيعيه وما اشبه وفوقها وزياده عليها له معجزه خالده حيه باقيه الى اليوم يحار فيها الكمل لا يبلغ شأنها احد ، ويمكن لكل احد ان يقف عليها بمعنى أن يستشعرها ويحس بكونها معجزه ويؤمن بكونها معجزه ، يمكن هذا متاح لكل احد سواء كان صينيا امريكيا افريقي ، ايا يكن كل ماهنالك انه عليه ان يجتهد في تحصيل مقدمات فهم القرآن الحكيم فهم اللغه العربيه ، وهذا امر متاح لكل البشر في غضون سنوات معدوده .
ايهما هنا يحق له أن يفخر وأن يستطيل على الآخر لاشك انه هذا المسلم الذي يشرق وجهه بالقرآن الحكيم .. من هنا نقول أن القرآن اعجوبه ومعجزه لامثيل لها . 

اسماء القرآن الحكيم  ..

نطوي هذا وننتقل الى مطلب جديد هذا القرآن الحكيم الذي بين ايدينا ، وللعلم هذه المسأله لم يلتفت اليها جيدا قيل إن هذا القرآن له اكثر من اسم على نحو الترادف ، وهنالك اربع اسماء للقرآن رئيسيه يقال انها كلها تعبر عن نفس هذا النص الإلهي الموجود بين الدفتين هذه الاسماء هي القرآن الفرقان الكتاب والذكر ..
كما ذكره مثلا صاحب مجمع البيان انه القرآن هو الفرقان وهو الكتاب وهو الذكر ، هذه مرادفات لعلم واحد لشيء واحد ولكنا إن رجعنا الى ائمة اهل البيت (صلوات الله وسلامه عليه اجمعين) فإنا نكتشف بأن لااقل من القرآن والفرقان هنالك اختلاف فيما بينهما في المعنى ونستطيع أن نعبر هكذا منطقيا أن النسبه بينهما نسبة العموم والخصوص المطلق ، دققوا جيدا القرآن والفرقان نعم النسبه بينهما نسبة العموم والخصوص المطلق اولا لماذا ؟ قد يسأل السائل انه لماذا نحتاج الى أن نرجع الى ائمة اهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) لكي نستطلع هذه المعاني او نستفهمها .. ؟

الجواب : دعوني اضرب لكم مثالا حيا ومعاصرا ايها الاخوه التفتوا جيدا كلامي للجميع لا اخص بكلامي شيعة اهل البيت (عليهم السلام) اقول كل دستور من الدساتير الوضعيه اليوم التي وضعت للدول ، ايه دوله لها عاده دستور قانون اساسي وعاده ماتجد بل هذا على نحو الملازمه الآن انه كل دستور لتلك الدول له مايسمى بالمذكره التفسيريه .

المذكرة التفسيرية لدستور الاسلام للقرآن الكريم ..
المذكره التفسيريه مافائدتها ؟ انها تشرح مواد الدستور حتى لايقع في تفسيرها خلل ، لا يختلف في معناها جمهوريه كذا دولة كذا مملكة كذا ، لها دستور ولها مذكره تفسيريه للدستور ، تفسر الدستور او القانون الاساسي سمه ماشئت ، المهم أنّ الخبراء القانونيين حينما يسن الدستور يجتمعون مع المشرعين وعاده مايكون هؤلاء النواب المنتخبين في الدول الديمقراطيه يجتمعون ويعدون نصوصا واضحه للدستور ، ومن ثم يؤلفون مذكره تفسيريه لتلك النصوص والمواد الدستوريه حتى لايختلف في معناها مستقبلا ، وهذه المذكره التفسيريه لابد من الرجوع اليها ولها قوه الدستور في الواقع تكون الزاميه لا بد الرجوع اليها إذا مااردنا أن نفهم ماده دستوريه او فصلا دستوريا او بندا دستوريا على وجهه الصحيح هذا امر معلوم .

 طيب الآن نحن المسلمين ماهو دستورنا القرآن الحكيم هذا دستور المسلمين ماهي المذكره التفسيريه له ؟ وعند من نجدها ؟ لابد أن نسأل هذا الذي جاء بهذا الدستور اين هي المذكره التفسيريه وعند من ؟ الذي جاء بالدستور هذا هو محمد ابن عبد الله المصطفى خاتم المرسلين (صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين)، وحين نرجع اليه نجده قد عيّن بشكل دقيق اين نجد المذكره التفسيريه لهذا الدستور ، قال بالحديث الصحيح القطعي الصدور المتواتر الذي ترويه كل الفرق ووصل الى اعلى مراتب الصحه ، هذا الحديث الذي يسمى حديث الثقلين قال (صلى الله عليه وآله وسلم) بما مضمونه على اختلاف الالفاظ ..

والروايات قالت تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي ، فالعتره تفسر القرآن ولا بد من الرجوع اليها لكي نفهم القرآن ونقف على معانيه وتفسيره وتأويله ، مايأتي من اهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) هو بمثابة المذكره التفسيريه للدستور الاسلامي ولذا كان القرآن قرآنا صامتا وكان علي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرآنا ناطقا فهو ينطق يبين لكم يفسر لكم كتاب الله ، كما جاء في احاديث متضافره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) {ان اهل بيتي تراجمت القرآن}.

يترجمون القرآن يفسرون القرآن يفهمونكم القرآن ، المذكره التفسيريه من هؤلاء فقط ليس لك الحق في أن تتوجه الى غير هؤلاء طالبا منهم مذكره تفسيريه للدستور الاسلامي ، هذا كمن يُعرض اليوم عن المذكره التفسيريه الملزمه التي وضعها المشرعون والخبراء القانونيون حين وضع الدستور ويتوجه لآخرين ويقول تعالو فسرو الدستور ، او كمن يتوجه الى محكمه ثانيه غير المحكمه الدستوريه ليقول لها أن تفسر الدستور هذا غير ممكن ، مشكلة هذه الامه أنّ اكثريتها للأسف لاتعود لأهل الاختصاص الذين لديهم المذكره التفسيريه عن جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله (سبحانه وتعالى) الذي يفسر الدستور الاسلامي ، توجهوا الى هذه المحكمه الدستوريه ، اسمعوا من هؤلاء ، ماشأنك انت مثلا ومجاهد (لعنه الله) الذي هو من قدماء المفسرين ما شأنك تأخذ بتفسيره ، ومن قال لك أنّ تفسيره حجه ؟
اذهب مثلا الى ابي عبد الله الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) يفسر لك القرآن ، تجد تفسيره فيما رواه عنه ثقاته فيما رواه عنه اصحابه ومنهم انتقل الى امثال ابي النظر ابن مسعود العياشي محمد ابن مسعود العياشي رضوان الله عليه ، هذا الرجل العالم الفقيه المفسر الذي كان من اهل الخلاف وكان من اعاظمهم ثم تشيع واهتدى الى دين الحق وآمن بإمامة الائمه الاثني عشر (عليه افضل الصلاة السلام) وبرأ من اعدائهم ، وجمع ما بلغه عنهم عبر الثقات الصلحاء من تفسير القرآن الحكيم من الروايات التفسيريه وجمعها في كتابه الذي هو موجود ومطبوع اليوم بحمد الله (سبحانه وتعالى) بعنوان تفسير العياشي نتوجه الى هذا التفسير حتى نفهم القرآن الامر واضح ..
يجب الرجوع الى آل محمد لأخذ القرآن منهم على نحوه المنزّل ..
فإذا نحن ملزومون لأن نتوجه لمن يملك المذكره التفسيريه بنص من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك لايكون الا عدل القرآن وتراجمة القرآن والقرآن الناطق علي وبنوه (صلوات الله عليهم اجمعين)، ومن هنا التفريق الآن بين معنى القرآن والفرقان .
الفرق بين القرآن والفرقان ..
أخذناه عن صاحب الاختصاص في تفسير القرآن وشرحه وتأويله وتفهيمه وهم ائمة اهل البيت (عليهم افضل الصلاة والسلام) جائت عندنا روايات بيّنت أنّ هاهنا فرقا بين القرآن والفرقان ، وأنّ القرآن اعم من الفرقان ، لذلك اقول أنّ النسبه المنطقيه هنا العموم والخصوص المطلق ، الفرقان جزء من القرآن والقرآن فيه الفرقان وفيه غير الفرقان من سائر مجمل الكتاب ، ملاحظه ومعلومه قليل من انتبه اليها لاحظوا معي هتين الروايتين الرواية الاولى رواها العياشي رضوان الله (تعالى)عليه في تفسيره ، وكذا شيخنا الصدوق في معاني الاخبار وعنهما العلامه المجلسي رحمة الله عليه في البحار قال:
" سأل عبد الله ابن سنان أبا عبد الله (عليه افضل الصلاة والسلام) اي الامام الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) عن القرآن والفرقان اهما شيء واحد ام هما شيئان ؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : {القرآن جملة الكتاب والفرقان المحكم الواجب العمل به}".

اجعل هذه الروايه في بالك وانتقل معي في الروايه الثانيه ، وقد رواها ايضا العياشي في تفسيره وشيخنا شيخ الاقدمين علي ابن ابراهيم القمي (رضوان الله عليهما) في تفسيره وعنهما نقل العلامه المجلسي في بحاره يقول الامام الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) (صلى الله عليه وآله وسلم) : {القرآن جملة الكتاب واخبار مايكونوالفرقان المحكم الذي يعمل به وكل محكم فهو فرقان }.
الفرقان جزء من القرآن الحكيم ..
فإذا {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} يقصد من هذا شيء خاص هو جزء من القرآن ، لا انه كلّه القرآن هو مجمل هذا الكتاب بما فيه من القصص والاخبار والآيات المتشابهات التي تحتاج الى جهد عقلي واستطلاع وتنقيب نقلي لفهمها ، تلك الآيات المتشابهات فالقرآن يشمل هذه الآيات مع آيات القصص والاخبار والمواعض وما الى ذلك ، بالاضافه الى الفرقان الذي هو الآيات المحكمات والآيات التي يعمل بها .
آيات الاحكام {اقم الصلاة} هذا من الفرقان {واتموا الصيام الى الليل} هذا من الفرقان ،{ولا تركنوا الى الذي ظلموا فتمسكم النار} هذا من الفرقان لأنه يفرق بين حق وباطل ، ويكون محكما واضح الدلاله يعمل به ، يجب العمل به كما جاء عن الامام الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو كل محكم فهو فرقان يفرق بين الحق والباطل ، يفرق بين الامتثال والعصيان .

فإذا الفرقان جزء من القرآن لا انه مرادف له هذه نكته لم يُلتفت اليها جيدا ، من هنا ندخل على مبحث فرعي وهو أنّ بعض المستشرقين ممن كان بعضهم يحمل نفسا عدائيا للإسلام والمسلمين ، والبعض الآخر كان مستواه العلمي هابطا كان مستواه الادراكي واطئا ، هؤلاء زعم بعضهم أنّ لفظتي القرآن والفرقان ليستا الفاظ عربيه بالأصل ، وانما هي من الألفاظ الراجعه الى لغات اخرى ، كاللغه العبرانيه واللغه السريانيه واللغه الآراميه .

وذكروا هنا امورا قد تبدوا مضحكه لكن لهم في ذلك على اية حال دراسات ولايسعنا هنا أن نرد تلك الدراسات بالتفصيل ، ولكن كإشاره هكذا ترد من انتهت اليه تلك الدراسات التي لا يخلوا اصحابها من بعض الغباء ، مثلا هنالك مستشرق فرنسي معروف اسمه ريجي بلاشر(RégisBlachère)هذا الرجل زعم أنّ لفظة القرآن مشتقه من اللغه السريانيه من كلمة قريانه ، هكذا يقول ، ومع الاسف ايضا في دائرة المعارف الانجليزيه هذا الامر قد ورد هذا مما يتصل الى كلمة قرآن .
اما ما يتصل بكلمه فرقان فبعض المستشرقين كالمستشرق اليهودي الحقود الذي اسمه جيجر هذا في كتابه الذي هو بعنوان ماذا اخذ محمد من اليهود يزعم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اخذ بعض الامور من اليهود من بعضها الالفاظ يقول إنّ كلمة فرقان هي كلمة عبريه عُربّت فيما بعض واصلها هي كلمة كركي ، وشخص آخر ايضا مارغليوث ايضا من المستشرقين ذكر أنّ كلمة الفرقان ترجع الى كلمه عبريه اصليه هي تركي ابوت هكذا يقول ، في حين مستشرقون آخرون والامر يطول يزعمون انه لا الكلمه لاترجع الى اللغه العبريه ، كلمه كركري باللغه العبريه وانما ترجع الى اللغه السريانيه والكلمه في السريانيه فوركانا وهكذا ..

زعموا مازعموا وبالغوا كثيرا الى درجة انه قالوا انه حتى كلمة الايمان وكلمة صلاة ايضا هذه من الكلمات التي هي ليست عربيه بالاصل ، والامر قد يبدوا مضحكا لكن هذا مانجده في دائره المعارف الانجليزيه أنّ كلمة الايمان اصلها عبري ، وكلمة الصلاه اصلها آرامي وحتى كلمة قلم اصلها يوناني ، هذا امر ينم عن شيء من الغباء لماذا ؟
لأنه اولا لايسع احدا أن يثبت لمجرد التشابه مثلا في اللفظ والمعنى أنّ اللغه العربيه اخذت من تلك اللغات ، او أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اخذ من تلك اللغات ، نحن نعلم وهذا امر ثابت علميا أنّ اللغات شقيقه هذا للغات التي ظهرت في تلك البلاد هي لغات ترجع بالاصل الى جذور واحده اللغه العبريه مثلا ، شقيقه للغه العربيه ترجع الى جذور واحده .
من تلك الجذور تتفرع اللغات فلا غرابه في أن تكون هنالك الفاظ متشابهه هذا لايعني أنّ لغه قد اخذت من لغه بالضروره وانما يرجع للأصل وقد تكون الاسبقيه للغه العربيه ، ولايمكننا عليميا أن نقول هذه الكلمه ليست عربيه بالأصل هذه عربيه بالأصل ، لأنه عندما وضع اللفظ في اللغه العربيه فإنه هذا اللفظ وضع لهذا المعنى منذ نشوء وتكون اللغه العربيه ، دعوني اضرب مثالا نحن مثلا في اللغه العربيه عندنا كلمه كهف في اللغه الانجليزيه نجد نفس اللفظ لذالك المعنى تقريبا  (cave) كهف كيف ..

بالفرنسيه ماذا  كافا (cava) نفس اللفظ تقريبا للمعنى الواحد .
هل يمكننا أن نقول هذه اللغه اخذت من هذه ، لايسعنا هذا لأنه لانملك الدليل العلمي على هذا وانما نقول هذه اللغات حيث انها ترجع الى جذور واحده فإن هذا لايكون غريبا ، وبما انه تأسست هذه اللغات ووضعت الفاضها تعيينا او تعيينا فإن هذه الاسماء والالفاظ وضعت مع نشوء تلك اللغات .
مثال على أنّ كلمة القرآن عربية وحماقة بعض المستشرقين ..
فلايسعنا أنّ الفرقان ترجع الى كذا فقط محاوله منا لإيهام الناس أنّ هذه الكلمات ليست عربيه بالأصل وكأن القرآن والعياذ بالله مسروق من الآخرين وهذا هو هدف المستشرقين من طرح هذه الامور . انا آتي هنا بمثال واحد على أن كلمة القرآن عربيه بالأصل ولها معنى واضح يمكنكم أن ترجعوا الى كتاب مقاييس اللغه كتاب معروف ومهم لعالم قديم هو المتوفي في سنة 395 ويسمى ابن فارس ، ومعروف هذا الكتاب وكما ترون انه من علماء القرن الرابع وكان خبيرا حقيقه وكتابه كتاب جدا مهم في بيان اصول اللغه والالفاظ .
يقول في مادة قرأ أو قرى يقول القاف والراء والحرف المعتل اي الياء او الالف اصل صحيح يدل على جمع واجتماع ، من ذلك قريه يعني شوفو الاصل في هذا اللفظ في هذه الماده قرا قريه ، هذه تدل على الاجتماع ، من هنا يقال من ذلك قريه سميت قريه لإجتماع الناس فيها ، ليش سميت قريه لأن الناس يجتمعون فيها ويقولون قريت الماء في المقرا اي جمعته ، وذلك الماء المجموع قري اي الماء المجموع ، والمقرات الجفنه لإجتماع الضيف عليها فإذا كل هذا ..
لماذا سمّي قرآن ؟

يعني شوفو اصل الاشتقاق هذا هو ماذا ؟ هو مايدل على الاجتماع الى أن يمضي فيقول : " ومنه القرآن سمي كانه سمي بذلك لجمعه مافيه من الاحكام والقصص وغير ذلك" لماذا سمي قرآنا ؟ قلنا الاصل الجذر اللغوي يدل على الاجتماع فكلمة قرآن تدل على شيء مجموع . ماذا يجمع بين دفتيه ؟ يجمع القصص والاحكام والمواعظ والتشاريع الى ماهنالك الاوامر والزواجر .. الخ ، ولذلك يسمى قرآنا هذا يدل على انه اللفظ لفظ صحيح عربي اصيل ، كلمة القرآن كلمة صحيحه عربيه اصيله لا انه نحتاج الى أن نرجعها الى جذور غير عربيه ، مادامت هي موجوده في اصول اللغه ومقاييس اللغه وهذا الامر يوافق رواية الامام الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) التي مرت علينا والتي قال فيها :{ إنّ القرآن جملت الكتاب واخبار مايكون [كله في اتجاه الجمع والاجتماع] والفرقان المحكم الذي يعمل به وكل محكم فهو فرقان}
إذا هذا المطعن او هذه الشبهه مردوده ولاحجه للمستشرق والعدو فيها .. ادركنا الوقت ولذا نرجئ بقية البحوث الى الحلقات المقبله بإذن الله (سبحانه وتعالى) وصلى الله على سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين لاسيما ابي بكر وعمر وعثمان والزانيتين عائشه وحفصه الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp