بيان آل محمد في أعدائهم (4) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
بيان آل محمد في أعدائهم (4) 

أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكي السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا المصطفى أبا القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين
                                                                                          آمين رب العالمين                                                                                           

المقدمة
  ما زال كلامنا بحث عنوان هذا البحث المسمى ببيان آل محمد في أعداءهم وقد عرضنا فيما سبق حديثين شريفين رواهما أبان بن أبي عياش عن الثقة الجليل سليم ابن قيس الهلالي (رضوان الله تعالى عليه) وتبين في هذين الحديثين معنى دولة إبليس كما تبينت بعض من مظلوميات أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) التي عرضها بلسانه الشريف، وهاهنا حديث ثالث أيضا رواه سليم ابن قيس (رضوان الله تعالى) عليه وفي هذا الحديث فوائد جمة وفيه بوح بمكنونات قلب أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، قبل أن نتلو هذا الحديث الشريف لا بأس من إشارة مهمة سبق أن ذكرناها واليوم نعيدها بشيء من التصريح ..
   قلنا سابقا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما بويع فإنه بويع على ما بويع عليه الخلفاء الثلاثة السابقون أي أن الذين بايعوه لم يكونوا معتقدين بولايته وإمامته أي أنهم ما كانوا من الشيعة وإنما كانوا من عوام الناس يوالون من هو في السلطة لا أكثر ولا أقل، وإذا تتذكرون أنه ذكرنا في حروب أمير المؤمنين (عليه السلام) الثلاث في الجمل وفي صفين وفي النهروان أن تسعة وتسعين بالمائة من إجمالي هذه الجيوش التي كانت تحارب مع أمير المؤمنين (عليه السلام) كانوا من العامة المخالفين ولم يكونوا من الشيعة.
 
   جهود أمير المؤمنين في هداية الناس إلى التشيّع
  فهاهنا نريد أن نعرف كيف سعى أمير المؤمنين (سلام الله عليه) بهداية أولئك وأمثالهم إلى التشيع وإلى ولايته، هذا الحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى يوضح جانبا من جهود أمير المؤمنين عليه السلام التي أدّت إلى أن تصبح الكوفة بعد هذا الحديث شيعية مباشرة وتصبح ذات أكثرية شيعية بعد أن كانت ذات أكثرية بكرية في الواقع.

  روى أبان عن سليم قال : ((كنا جلوسا حول أمير المؤمنين (عليه السلام) وعنده جماعة من أصحابه فقال له قائل: يا أمير المؤمنين لو استنفرت الناس، فقام (عليه السلام) وخطب فقال  ألا إني قد استنفرتكم فلم تنفروا ونصحتكم فلم تقبلوا ودعوتكم فلم تسمعوا فأنتم شهود كغيّاب وأحياء كأموات وصمّ ذووا أسماع أتلو عليكم الحكمة وأعظكم بالموعظة الشافية الكافية وأحثكم على الجهاد لأهل الجور، فما آتي على آخر كلامي حتى أراكم متفرقين حلقا شتى تتناشدون الأشعار وتضربون الأمثال وتسألون عن سعر التمر واللبن)).

  في هذا الحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) يبوح بلوعاته ويشتكي ممن حوله حيث يقول أنه دعى الناس إلى الجهاد ولكنهم لم يستجيبوا له ونصحهم النصيحة الحقة ولكنهم لم يقبلوا منه النصيحة فهم حاضرين بأجسامهم غائبين عنه بعقولهم، يقول (عليه السلام) اسمكم أحياء لكن أنتم في الواقع أموات، حيث أراد (عليه السلام) منهم أن يتصدّوا لمعاوية (لعنه الله) ويقضوا على شأفته ولكنهم لم يستجيبوا له حيث أنهم ملّوا الحرب، وهذه الخطبة كانت بعد الحروب الثلاثة صفين والجمل والنهروان؛ لكنه (عليه السلام) ما إن ينتهي من كلامه حتى يراهم تفرّقوا عنه في جماعات يسألون عن أمور الدنيا، هذا هو الواقع الذي إلى اليوم نعيشه: الخطيب يصعد على المنبر ويحث الناس مثلا على الجهاد يذكرهم بتقوى الله عز وجل  يذركهم بمآسي التشيّع مثلا ويطلب منهم أن يتحركوا ويستنفروا طاقاتهم لكن ما إن ينتهي المجلس حتى ينصرف الناس ويتناقشون في أمور الدنيا، تكملة الحديث:

 ((تبت أيديكم لقد سئمتم الحرب والإستعداد لها وأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها شغلتموها بالأباطيل والأضاليل والأعاليل والأمراض، ويحكم أغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غُزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا)).

 هذه  الحكمة المعروفة عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ((الهجوم خير وسيلة للدفاع)) حيث إذا غُزي القوم في عقر دارهم ذلوا وخُزوا وأُهينوا، أنتم الآن قيسوا هذه الحكمة على واقعنا المعاش هذا اليوم  من يعمل بها؟!

  يدعوهم أمير المؤمنين لأن يهجموا على معاوية في عقر داره ويحاربوه قبل أن يباغتهم هو بالحرب فالهجوم على العدو أفضل وسيلة للدفاع، ولكنهم سئموا الحرب وملّوها حيث قلوبهم فارغة من ذكرها والإستعداد لها فهي مشغولة بأمور الدنيا الفانية، فنحن الشيعة في واقع الحال في هذا الزمان تم غزونا وفي عقر دورنا، وأما نحن نتقدم ونقتحم عقر دورهم؟! فلا، ودونكم أحداث العراق شاهدة.

 ((وأيّم الله ما أظن أن تفعلوا حتى يفعلوا، ثم وددت أني قد رأيتهم فلقيت الله على بصيرتي ويقيني واسترحت من مقاساتكم ومن ممارستكم، فما أنتم إلا كإبل جمة ضل راعيها فكلما ضمت من جانب انتشرت من جانب، كأني بكم والله فيما أرى لو قد حمس الوغى واستحر الموت قد إنفرجتم عن علي بن أبي طالب إنفراج الرأس وإنفراج المرأة عن ولدها لا تمنع يد لامس)).

 يقسم أمير المؤمنين (عليه السلام) أنهم لن يهجموا على عدوهم معاوية حتى يهجم معاوية وجنده عليهم، يقول (عليه السلام): يا ليت بالفعل يأتون فألقاهم أنا في الحرب واستشهد في سبيل الله عز وجل حتى أرتاح منكم، فأنتم والله كإبل غاب عنها صاحبها فانتشرت في كل مكان ولم يقوى على جمعها، انظروا إلى هذا التقريع الشديد الذي صدر من أمير المؤمنين (عليه السلام) تجاه من كانوا يسمون آنذاك بأصحابه وما كانوا حقا من أصحابه اسمهم أصحاب علي وجند علي وشيعة علي لكن في واقع الحال إعتقادهم في علي (عليه السلام) هو إعتقادهم في عمر بأنه خليفة وليس إعتقاداً بأنه إمام وحجة الله على خلقه ولذلك إذا جاءت الحرب ينفرجون عنها مثلما المرأة في حالة الولادة تنفرج عن ولدها فلا تستطيع أن تمنع من يريد لمسها، إلى هذه الدرجة يشبه أمير المؤمنين (عليه السلام) خذلانهم!

 هنا بعدما  وصل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى هذا الموضع  قام اللعين الأشعث بن قيس الكندي الخارجي الملعون الخبيث المعروف وهو من جملة المنافقين والذين عملوا وتآمروا ضد أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وكان دائما يؤذي أمير المؤمنين (سلام الله عليه) وابنته هي جعدة بنت الأشعث التي سمّت الإمام الحسن (سلام الله عليه)، لاحظوا هنا كيف يحاول الأشعث بن قيس أن يستفز أمير المؤمنين!

  قال الأشعث بن قيس الكندي : ((فهلا فعلت كما فعل ابن عفان)) يخاطب أمير المؤمنين عليه السلام إذا كان هذا حالك ولا أحد يناصرك حتى المناصرة ، كنت فعلت كما فعل عثمان، وهو أن يسلم أمره للناس حتى يقتل في سبيل الله، هذا اعتقاد الأشعث.
 
  فقال عليٌّ (عليه السلام): ((يا عرف النار أو كما فعل ابن عفان رأيتموني فعلت؟! أنا عائذ بالله من شر ما تقول يا ابن قيس، والله إنّ الذي فعل ابن عفان لمخزاة لمن لا دين له ولا الحق في يده، فكيف أفعل ذلك وأنا على بينّة من ربي وحجته في يدي والحق معي؟! والله إن إمرؤٌ مكّن عدوه من نفسه حتى يجز لحمه ويفري جلده ويهشم عظمه ويسفك دمه وهو يقدر على أن يمنعه لعظيم وزره وضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره)).
 
  يقول أمير المؤنين عليه السلام هل فعلتُ بدع ومعاصي وذنوب عثمان بن عفان حتى أسمح للناس بقتلي؟! هنا شاهدنا وهو بيان آل محمد في أعدائهم يقول أمير المؤمنين إن ما فعله عثمان خزي وعار عليه ودليل على أنه لا دين له ولا الحق معه، كيف تريدني أفعل مثل ما فعل ابن عفان وأنا الحق معي وعلى بينة من ربي؟! يعني الإنسان الذي يمكّن عدوّه من نفسه ويجعله يهجم عليه حتى يهشم عظمه ويجز لحمه ويفري جلده ويسفك دمه إذا مكّنه من نفسه وهو قادر على أن يمنعه ويصد هذا الانسان فهذا الرجل عظيم ذنبه ليس عنده إيمان أو قوة روحية ليتمكن من مجابهة عدوه، من هنا نستفيد مسألة في غاية الأهمية وستتضح في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) أن المؤمن لا يجب أن يمكّن عدوه من نفسه وهذا حرام! والذي يحصل اليوم في العراق وفي غيره حرام، نحن قد مكّنا النواصب من أنفسنا مع إننا قادرون على دفعهم ولكننا لا نفعل! ..تكملة الحديث ..

 ((فكن أنت ذلك يا ابن قيس فأمّا أنا  فدون والله أن أعطي بيدي دون ضرب بالمشرفي تطير له فراش الهام وتطيح منه الكف والمعصم ويفعل الله بعد ما يشاء، ويلك يا ابن قيس المؤمن يموت بكل موتة، غير أنه لا يقتل نفسه، فمن قدر على حقن دمه ثم خلا بينه وبين قاتله فهو قاتل نفسه، ويلك يا ابن قيس إن هذه الأمة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها في الجنة واثنتان وسبعون في النار وشرها وأبغضها الى الله وأبعدها منه السامرة الذين يقولون لا قتال وكذبوا قد أمر الله عز وجل بقتال هؤلاء الباغين في كتابه وسنة نبيه وكذلك المارقة)).

 أمير المؤمنين (سلام الله عليه) يقول لإبن قيس افعل أنت مثل ما فعل عثمان أما أنا لا أفعل، فأنا دون أن يصل أحد إليّ ويمس شعرة مني حتى أقاتل بسيفي قتالاً شرساً ولا أدع أحد يصل إليّ فالمؤمن يموت بكل موته غير أنه لا يقتل نفسه ولا يمكّن عدوّه من نفسه فالذي يستطيع أن يدافع عن نفسه ولكن يسمح لعدوّه بأن يقتله فهذا يكون قاتل نفسه هكذا يحتسب عند الله تبارك وتعالى.

 أمير المؤمنين يقول شر فَرق الإسلام التي تنتحل الإسلام كذبا فرقة يقال لها السامرة، طبعا هاهنا وصف وليس تحديد بمعنى آخر كل فرقة تقول لا قتال وليس واجب أن نقاتل وقد انتهي القتال هذه فرقة خارجة عن الإسلام يجب أن ننتبه، نعم فالإسلام لا يحبذ القتال ولا يحبذ العنف هذا شيء متفق عليه لكن آخر الدواء الكي في أحيان معينة يصبح القتل والقتال هو الحل الوحيد الناجح، من هنا تفهمون وفي إشارة سريعة إن ما يجري في العراق اليوم حله هو القتال وليس المصالحة الوطنية وليس الأعمال الدبلوماسية والمفاوضات والإنتخابات وما أشبه، حل ما يجري في العراق هو القتال، قتال الباغين الظالمين إلى أن يصفى هذا البلد من كل الإرهابيين الكفرة الفجرة هذا هو الحل، والذين يقولون لا قتال مشتبهون على أقل التقادير، كان بإمكان أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يصالح معاوية أيضا في ذلك الوقت لِمَ لَمْ يصالحه؟  لم أمر بالقتال؟ استنفر الناس لكنهم لم ينفروا معه لأن الحل الوحيد لمعاوية التخلص منه والتخلص منه لا يكون إلا بالقتال، نعم لما جاء زمن الإمام الحسن (صلوات الله عليه) وأصبح جيش الإمام الحسن (سلام الله عليه) أقل قوة من جيش معاوية يأتي هنا جانب الصلح وهنا قاعدة لاحظوها جيدا متى نرفع السلاح؟ ومتى نعمل بالتقية فنصالحه؟!

  نرفع السلاح لما يتهددنا خطر ونكون قادرين على دفعه ونعمل بالتقية ونصالح حينما يتهددنا خطر ولا نكون قادرين على دفعه فنصالح، يعني هكذا يجب أن يكون عندنا نوع من التوازن متى نرفض التقية لأجل المحافظة على الموجودين ومن خلال القتال ونكون أقوى من الطرف الآخر؟ ومتى نعمل بالتقية ؟ نعمل بالتقية حينما نكون نحن أضعف.
  فالآن ناقشوا أنفسكم واطرحوا هذا السؤال على أذهانكم هل نحن في العراق أضعف؟ بغض النظر عن المعادلات السياسية، نحن نعلم وضع الإحتلال ووجود الإميركان ..إلخ
نحن نتحدث عن المعادلة الخاصة داخل البلد من الاكثرية ؟ من المفترض أن يكون الأقوى؟ نحن أم من يجور علينا ويظلمنا ويقتلنا؟ نحن بالطبع، فهل لنا عذر عند الله؟ الجواب تعرفونه طبعا.

  ((غضب الأشعث بن قيس من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: فما يمنعك يا ابن أبي طالب [أنظر كيف يخاطب أمير المؤمنين يقول له يا ابن أبي طالب ولا يقول أمير المؤمنين..!!!] حين بويع أخو تيم بن مرة ]يعني أبي بكر من قبيلة تيم بن مرة[  وأخو بني عدي بن كعب ]يعني عمر[ وأخو بني أمية ]يعني عثمان[ أن تقاتل وتضرب بسيفك؟!)) لماذا لم تشهر السلاح وتقاتل بعدما جاء أبي بك ؟ ولماذا  بعد ما جاء عمر ما قاتلت؟ ولماذا بعد ما جاء عثمان ما قاتلت؟ لماذا لم تقاتل وتضرب بسيفك؟ وأنت لم تخطبنا خطبة منذ أن قدمت العراق إلا وقد قلت فيها قبل أن تنزل من منبرك والله إني لأولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض الله محمد (صلى الله عليه وآله) فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟ فما نكاد أن نجد خطبة يا ابن أبي طالب إلا قبل أن تنزل عن منبرك تقول إنك المظلوم منذ أن قبض النبي (صلى الله عليه وآله) فلماذا لم تقاتلهم دون مظلمتك؟!

 فقال علي عليه السلام : يا ابن قيس قلت فاسمع الجواب، لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية لقاء ربي وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعهده إليّ أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن الأمة صانعة بي بعده فلم أكن بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني ولا أشد يقينا مني به قبل ذلك  بل أنا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت))
  لاحظوا مسألة مهمة جدا وهي كيف أن ابن قيس (لعنه الله) يستفز أمير المؤمنين (عليه السلام) ومع ذلك أمير المؤمنين يناقشه بقوة ولم يأمر أحد بتعذيبه أو قتله بل تركه في المسجد مسجد الكوفة ولو كان هذا الأمر مع عمر فهل كان سيتحمل منه أدنى نقاش؟! بالطبع لا ومن هنا نعرف الفرق بين الحاكم العادل والحاكم الظالم!!
  يقول أمير المؤمنين الذي منعني من أن أضرب بسيفي دون مظلمتي أن رسول (صلى الله عليه وآله) أخبرني هكذا ستظلم فيما بعد وأنا لم أكن في حين هذا الأمر أكثر يقينا من ذلك الوقت حينما أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما سيصنع بي أكثر يقيناً مما رأيته الآن لأنني أصدق كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله).

  ((فقلت يا رسول الله فما تعهد إليّ إذا كان ذلك، قال:  إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنته أعواناً وأخبرني (صلى الله عليه وآله) أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري وتتبع غيري وأخبرني (صلى الله عليه وآله) أني منه بمنزلة هارون من موسى وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه)).
 إذاً المسألة واضحة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أمر سيدنا علي بن أبي طالب إن وجد أعواناً عليه أن يجاهدهم وإن لم يجد يحقن دمه ودم من معه وأمير المؤمنين لم يجد أعواناً آنذاك فامتثل أمر رسول الله وصبر عليهم وأخبره الرسول الأعظم أن الأمة ستنقسم فرقتين فرقة تتبع هارون وهو عليٌ (عليه السلام) وفرقة تتبع العجل وهو أبو بكر (لعنة الله عليه).

{إذ قال له موسى يا هارون ما منعك اذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري قال يابن أمّ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} ..
{وقال يابن أمي لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت ان تقول فرقت بين بني اسرائيل ولم ترقب  قولي} ..
 الإمام يشرح إن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلّوا فإن وجد أعوانا أن يجاهدهم وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم.
  ((وإني خشيت إن يقول لي ذلك أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لَم فرقت بين هذه الأمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إن لم تجد أعوانا أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهل بيتك وشيعتك فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه وأنا مشغول برسول الله (صلى الله عليه وآله) بغسله ودفنه ثم شُغلت بالقرآن  فآليت على نفسي أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب ففعلت ]قرآن أمير المؤمنين المرتب ترتيبا صحيحاً[ ثم حملت فاطمة وأخذت بيدي إبني الحسن والحسين فلم أدع أحداً من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي ودعوتهم إلى نصرتي فلم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط ]انظروا إلى مظلومية أمير المؤمنين فقط أربعة أنصار سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير[ ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به ولا أطوى به، أما حمزة فقتل يوم أحد ]هذا كان بطل من أبطال بني هاشم[ وأما جعفر فقتل يوم مؤته وبقيت بين جلفين ]غليظين أحمقين لا رأس لهما جافيين ذليلين حقيرين عاجزين[ العباس وعقيل وكانا قريبي العهد بالكفر] وكانا من بني هاشم صحيح لكنهما أحمقان لا يستطيعان أن ينصراني  مقابل أبي بكر وعمر[ فأكرهوني وقهروني، فقلت كما قال هارون لأخيه : يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلي بهارون أسوة حسنة ولي بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله حجة قوية) وقال الاشعث: كذلك صنع عثمان (استغاث بالناس ودعاهم إلى نصرته فلم يجد أعوانا فكف يده حتى قتل مظلوما)، قال (عليه السلام): ويلك يا ابن قيس إن القوم حين قهروني واستضعفوني وكادوا يقتلونني لو قالوا لي نقتلك البتة لأمتنعت من قتلهم إياي ولو لم أجد غير نفسي وحدي، ولكن قالوا إن بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك وفضلناك وإن لم تفعل قتلناك)).

  يقول الإمام أمير المؤمنين الفرق بيني وبين عثمان هو هذا! أن عثمان لما جاءوه قالوا له سنقتلك البتة، أي مهما فعلت سنقتلك، لو القوم قالوا لي مثل ذلك كنت سأقاتلهم حتى لو كنت وحدي فقط ولا أحتاج لأحد، ولكن قالوا إن بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك وفضلناك وإن لم تفعل قتلناك، فإذاً خيروه بين القتل وبين المبايعة حتى يَسْلَم .. فهذه طبعا بيعة التقية التي جرت بعد أكثر من ستة أشهر من استشهاد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث كان مكرها على هذه البيعة مثلما باقي الأئمة والأنبياء (عليهم السلام) بايعوا طواغيت زمانهم مكرهين وتقية.

  (فلما لم أجد أحدا بايعتهم وبيعتي إياهم لا تحق لهم باطلا ولا توجب لهم حقا، فلو كان عثمان حين قال له الناس اخلعها ونكف عنك خَلَعَها لم يقتلوه ولكنه قال لا أخلعها، قالوا فإنا قاتلوك البتة فكف يده عنهم حتى قتلوه، ولعمري لخلعه إياها كان خيرا له لأنه أخذها بغير حق ولم يكن له فيها نصيب وادّعى ما ليس له وتناول حق غيره، ويلك يا ابن قيس إن عثمان لا يعدو أن يكون أحد رجلين: إما أن يكون دعا الناس إلى نصرته فلم ينصروه وإما أن يكون القوم دعوه إلى أن ينصروه فنهاهم عن نصرته، فلم يكن يحل له أن ينهى المسلمين عن أن ينصروا إماما هاديا مهتديا لم يحدث حدثا ولم يأوي محدثا وبئس ما صنع حين نهاهم وبئس ما صنعوا حين أطاعوه وإما أن يكون جوره وسوء سريرته قضى أنهم لم يروه أهلا لنصرته لجوره وحكمه بخلاف الكتاب والسنة، وقد كان مع عثمان من أهل بيته ومواليه وأصحابه أكثر من أربعة آلاف رجل))
  ولهذا السبب خذلوه لأنه حاكم جائر ظالم لنفسه لم يطلب من أحد نصرته وهذا كله تعريض لعثمان من باب التهكم به حيث بدعه ومحدثاته وإيوائه أهل البدع والزندقة وأهل الكفر والفساد في المدينة المنورة مثل عمه الحكم وابنه مروان بن الحكم (لعنة الله عليهما)

  لاحظوا جيداً حينما انتفضت الأمصار الإسلامية على عثمان وجاءت المدينة المنورة وأرادت اقتحام دار الخلافة وقتل عثمان، عثمان كان عنده حرس من بني أمية ومن موالي بني أمية وأصحابهم وشيعتهم حوالي أربعة آلاف رجل وكان بعضهم نشابة بالقوس على سور قصر عثمان فلماذا نهاهم عن نصرته إذاً؟ طبعا المسلمون كانوا أكثر بكثير وعثمان كان يعلم أنه إذا جاهدهم سوف يقتل بكل حال وعثمان كان ينتظر جيش معاوية القادم من الشام والذي لم يصل إليه لنصرته إلى أن قتل على يد المسلمين الثائرين عليه بسبب فساده
  ((وقد كان مع عثمان من أهل بيته ومواله وأصحابه أكثر من أربعة آلاف رجل ولو شاء بأن يمتنع بهم لفعل، ولو كنت وجدت يوم بويع أخو تيم تتمة أربعين رجلا مطيعين لي لجاهدتهم، وأما يوم بويع عمر وعثمان، فلا لأني كنت قد بايعت ومثلي لا ينكث بيعته))

  بايعت أبا بكر حين لم أجد أعواناً لأجاهدهم ولو كان معي أربعين رجل لجاهدتهم، أما يوم بويع عمر وعثمان فقد كنت بايعت ومثلي لا ينكث بيعته، فأنا لا أغدر ولا أنكث البيعة كطلحة والزبير، أما بعد مقتل عثمان الناس جاءت إليّ وهتفت بإسمي وبايعتني ولم يكن في رقبتي بيعة لأحد نهضت بالأمر واستجبت لنصرة المسلمين!
  ((ويلك يا ابن قيس كيف رأيتني صنعت حين قتل عثمان إذ وجدت أعواناً ليس في عنقي بيعة لأحد والناس جاءت وهتفت بإسمي هل رأيت مني فشلاً أو تأخراً أو جبناً أو تقصيراً في وقعتي يوم البصرة في حرب الجمل وهم حول جملهم الملعون ومن معه، الملعون من قتل حوله، الملعون من رجع بعده لا تائباً ولا مستغفراً))
 هنا يعرّض أمير المؤمنين (عليه السلام) بعائشة بالذات وطلحة والزبير وأعوانهما وقبيلة الأزد التي كانت تقاتل دون جمل عائشة فهؤلاء ملعونين وكلهم في النار، وعائشة حيث أنه ثبت أنها رجعت من حرب الجمل لا تائبة ولا مستغفرة فهي ملعونة، والدليل على أنها لم تتب أنه بمجرد وصول خبر استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) سجدت شاكرة! فأين توبتها يا أهل العامة التي تقولون أخطأت ولكنها تابت؟! ودليل آخر بعد استشهاد الإمام الحسن (عليه السلام) حينما ركبت البغل وتسببت في أن ترمى جنازة الإمام الحسن (عليه السلام) بسبعين سهم فأين التوبة؟!

 ((والملعون من رجع لا تائبا ولا مستغفرا فإنهم قتلوا أنصاري ونكثوا بيعتي ومثّلوا بعاملي وبغوا عليّ وسرت إليهم في إثني عشر ألفا وهم نيف على عشرين ومائة ألف فنصرني الله عليهم وقتلهم بإيدينا وشفى صدور قوم مؤمنين))
  هنا بين قوسين من الذي تسبب بالتمثيل بالصحابي الجليل عثمان بن حنيف (رضوان الله تعالى عليه) والي أمير المؤمنين (عليه السلام) على البصرة؟ من الذي أمر وأصدر فتاوى إزهاق الأرواح والقتل على الهوية في ذلك الزمان؟ فأي واحد كان من شيعة الأمير (عليه السلام) يقتلونه. أنقل لكم شاهداً من أحد الكتب التاريخية المعتبرة لدى أهل العامة هذا الكتاب هو كتاب الكامل في التأريخ لابن الأثير تحديدا في الجزء الأول في الصفحة خمسمائة وسبعة وأربعين يقول:
  ((أن جيش عائشة تقدم نحو البصرة  وكان عامل أمير المؤمنين على البصرة هو عثمان بن حنيف وجاء هؤلاء بجيشهم وطوقوا البصرة وطلبوا من عثمان ابن حنيف أن يخلع بيعة عليٍّ (عليه السلام) وينكثها ويلتحق بهم، فقال لا أفعل ذلك ماذا تريدون؟! واتفقوا بعد مفاوضات عديدة على أن يبقى الوضع كما هو، يبقى عثمان بن حنيف حاكما ويبقى جيش عائشة موجود كما هو دون قتال إلى أن يأتي أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الكوفة ونرى ماذا يكون، فلم يعجب عائشة الموضوع  فأشارت إلى طلحة والزبير أنها لا تقبل بأن يبقى عثمان حاكما على البصرة ويصلي بالناس وبيده بيت مال البصرة (البنك المركزي هذا ما يهم عائشة، المال) فبماذا أفتت عائشة؟ أمرتهم بإزاحته عن إمامة الناس بالصلاة واقتلوا حراس بيت المال كلهم واقتلوا كل من يناصرهم واستولواعلى الحكم بفتوى عائشة فهي أول إمرأة إرهابية في التأريخ الإسلامي راجعوا كتب التواريخ تكتشفون أن عائشة قالت لإبان بن عثمان ابن عثمان بن عفان أخرج إليه أي عثمان بن حنيف واضرب عنقه فإن الأنصار قتلت أباك وأعانت على قتله، فعثمان بن حنيف كان من الأنصار وليس له دخل في قضية عثمان ولكن عائشة تحرض ابن عثمان بن عفان على عثمان بن حنيف وتكذب وتقول هذا واحد من الأنصار اذهب واقتله!))

 وهو عينا كمنهج أسامة بن لادن حيث يقول هذا الإرهابي أن الأميركان قد غزونا فنحن نذهب إلى عقر دارهم برج التجارة العالمي ونفجره! أين الآية :

{ ولا تزر وازرة وزر اخرى }؟!
  فهذا المنطق من الذي أرساه في الاسلام؟ إنها عائشة، وهي التي وفرت الغطاء الشرعي والقانوني للحركات الإرهابية مثل حركة القاعدة وغيرها، سوف تكتشفون إذا رجعتم إلى التأريخ أنها أرسلت إلى الزبير بهذه الفتوى أن أقتل حرّاس بيت المال فجاء إليهم وأسرهم وذبحهم كما يذبح الغنم، عائشة تفتي والزبير ينفذ! وأن عائشة أمرت بقتل حكيم بن جبلة هذا الصحابي الجليل مع ثلاثمائة رجل وكانوا مشتهرين ويسمون عند أهل البصرة بأصحاب الثفنات من كثرة السجود والعبادة، لماذا كل هذا القتل؟! لأن فقط هؤلاء من أنصار عليّ (عليه السلام). حينما أخذوا عثمان بن حنيف ومثلّوا به هؤلاء انتفضوا وما تحملّوا، فقتلوهم جميعا وهم أصحاب الثفنات، بفتوى من؟! بفتوى المرأة الإرهابية المجرمة المتوحشة الدموية عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة (عليها ما تستحق من اللعن) .. الشاهد ..

  الشاهد روى ابن الأثير في كتابه الكامل في التأريخ الجزء الأول الصفحة خمسمائة وابعة وسبعين ((لما أخذ عثمان بن حنيف (تم تقييده بفتوى عائشة) أرسلوا إلى عائشة يستشيرونها في أمره، فقالت: اقتلوه! فقالت لها إمرأة: ناشدتك الله في عثمان وصحبته لرسول الله، فقالت لهم احبسوه! فقال لهم مجاشع ابن مسعود: اضربوه وانتفوا لحيته وحاجبيه وأشفارعينيه (نتف اللحية ألم لا يطاق!) فضربوه أربعين سوطا ونتفوا لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه حتى كاد أن يموت من شر ذلك)).
  هذا التمثيل والتعذيب نحن نعرف بالفقه الإسلامي ليس عندنا تعذيب، التعذيب حرام في الإسلام، من الذي علّم الحكام حكام الجور والضلال وسائل التعذيب؟ من الذي أعطاهم المبرر الشرعي؟ عائشة طلحة والزبير ومن قبل أبو بكر حينما عذب فجاءة السلمي، عمر حينما عذب ذلك الرجل الذي مجرد سأل عن متشابهات القرآن، عثمان حينما عذب عمارابن ياسر وأبا ذرالغفاري وأمثالهم   فهؤلاء هم من وفروا الغطاء الشرعي للتعذيب وخلقوا في الإسلام التعذيب بإسم الدين، صدام لم يأتي بشيء من عنده فهو تلميذ صغير عند أبي بكر وعمر وعائشة، نحن حينما نقول أيها الناس اتبعوا أهل البيت (عليهم السلام) .. لماذا؟ هات لي في تاريخ أهل البيت مورد واحد عذبوا فيه الناس، قتلوهم على الظنة والتهمة أو حتى ظلموا فيه إنسان واحد بل على العكس كانوا يُظلمون ولا يَظلمون، أمير المؤمنين (عليه السلام) هو بحد ذاته يقول أقدموا على الله مظلومين ولا تقدموا عليه ظالمين، أما في المقابل أنت يا من تتبع عمر وأبو بكر وعثمان وعائشة بماذا تفتخر بالقتل بالإرهاب؟! بالإجرام؟! بسفك الدماء؟! بالغدر؟! بالعهر؟! بالفجور؟! بهذا تفتخر، قاتلكم  الله .. نكمل الرواية ..

  ((قال عليه السلام: وكيف رأيت يا ابن قيس وقعتنا بصفين وما قتل الله منهم بأيدينا خمسين ألفا في صعيد واحد إلى النار؟ وكيف رأيتنا يوم النهروان إذ لقيت المارقين وهم مستمسكون يومئذ بدين الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فقتلهم الله بإيدينا في صعيد واحد الى النار لم يبقى منهم عشرة ولم يقتلوا من المؤمنين عشرة ]هؤلاء الخوارج[  ويلك يا ابن قيس هل رأيت لي لواءاً رد أو راية ردت؟ ]هل يوجد مرة جاهدت وحاربت ورجع لوائي خائبا هل مرة حاربت ولم أنتصر[ إياي تعيّر يا ابن قيس وأنا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جميع مواطنه ومشاهده والمتقدم إلى الشدائد بين يديه، لا أفر ولا أزول ولا أعيا ولا أنحاز ولا أمنح العدو دبري ]مثل ما فعل أبو بكر وعمر وعثمان يفرّون ويمنحون العدو أدبارهم لأنه لا ينبغي للنبي ولا للوصي إذا لبس لامته إلى الحرب وقصد لعدوّه أن يرجع أو ينثني حتى يقتل أو يفتح الله له [يا ابن قيس هل سمعت لي بفرار قط أو نبْوة ]تراجع أو تأخر[ يا ابن قيس أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إني لو وجدت يوم بويع أخو تيم الذي عيرتني بدخولي في بيعته أربعين رجلا كلهم على مثل بصيرة الأربعة الذين قد وجدت لما كففت يدي ولناهضت القوم ولكن لم أجد خامسا فأمسكت)) ..

 إلى نهاية الرواية ما يهمنا هو هذا..
  أمير المؤمنين طبعا استمر في بيان شجاعته وبطولته وفي بيان حقه وبيان ظلم الغاصبين الثلاثة (لعنة الله عليهم) فبعدما انتهى من خطبته ينقل أبّان عن سليم بن قيس شيئا مهما، ها هنا لاحظوا:
  ((قال أبان: قال سليم بن قيس: فلم يبقى يومئذ من شيعة عليٍّ (عليه السلام) أحد بعد هذه الخطبة إلا تهلل وجهه وفرح بمقالته ]خطبة أمير المؤمنين عليه السلام[ إذ شرح أمير المؤمنين (عليه السلام) الأمر وباح به وكشف الغطاء وترك التقية.. ]ضعوا تحت كلمة التقية ثلاثة أسطر سنشرحها فيما بعد[ ولم يبق أحد من القراء ]جمع قارئ القرآن ويطلق سابقا على العالم أو الفقيه في دينه[ ممن كان يشك في الماضين -وهم أبا بكر وعمر وعثمان- ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن رأيه وترك الشك يومئذ والوقوف على هذه المسألة ولم يبقى حوله ممن أبى بيعته -أمير المؤمنين عليه السلام- إلا على وجه ما بويع عليه عثمان والماضون قبله إلا رؤي ذلك في وجهه وضاق به أمره وكره مقالته ثم إنه استبصر عامتهم وذهب شكهم((
يعني أمير المؤمنين عليه السلام بعدما ترك التقية وباح بمكنونات قلبه وكشف الأمور، تشيّع أهل الكوفة ووالوا أمير المؤمنين (عليه السلام) والذين بايعوه على طريقة بيعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان هؤلاء كلهم رؤي في وجوهم الضيق والكره، فمن هنا نفهم مسألة جدا مهمة أيضاً تضاف لذلك الميزان حينما ذكرنا ميزان التقية ..

   مسألة أخرى متى نعمل بالتقية ؟! لكي نحافظ على الشيعة الموجودين؟ متى لا نعمل بالتقية ونصرح بالأمور؟!  إذا أردنا كسب الآخرين إلى التشيع، هنا أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يعمل بالتقية فماذا حصل؟ تشيّع عامتهم كما ذكر سليم بن قيس، ومتى يعمل بالتقية؟ في زمن أبي بكر وعمر وعثمان حتى يحافظ على الشيعة القلائل الموجودين الذي لم يتجاوز عددهم سبعة من الصحابة؛ فمن هنا نعرف هذا الميزان، لنفترض أنه أنا إذا تركت العمل بالتقية سأقتل وسيقتل معي عشرة ولكني سأكسب مئة من الجانب الآخر؛ فإذاً يكون المسوّغ الشرعي هنا متوافراً والرجحان هو لترك التقية حتى إذا أنت تقتل، يقتل منك عشرة يقتل منك مائة لكن في قبال أنه بعد ذلك يتشيّع أكثر من هذا العدد، أما إذا تركت العمل بالتقية وأدّى ذلك إلى خسران عدد الشيعة ووجدتهم يقلّون أعمل بالتقية وإذا وجدتهم يزدادون حتى ولو كان ينقص منهم من جانب آخر أعمل بالصراحة لا تعمل بالتقية،

صرح واصدع بالحق.
  بعد ذلك نفهم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كما تقول الرواية وذلك بعد وقعة أهل النهروان وهو يأمر بالتهيئة والمسير إلى معاوية ثم لم يلبث أن قتل (صلوات الله عليه) قتله ابن ملجم (لعنه الله) غيلةً وفتكاً وقد كان سيفه مسموما قد سمه قبل ذلك، بعد ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) استشهد .. ولكن بعد ماذا؟ بعد ما أن ترك العمل بالتقية في أواخر أيام حياته وتسبب تركه للتقية في هداية أهل العراق إلى التشيّع ..

هذا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين .

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp