تقرير محاضرة: إثبات الإرادة التكوينية في آية التطهير 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير محاضرة: إثبات الإرادة التكوينية في آية التطهير 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمعين سيدنا المصطفى ابي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم اللعن الدائم على اعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين.

أهل البيت (عليهم السلام) شمس لا تغيب
الشمس لا يمكن حجبها حتى وإن غيبها السحاب, فإنها بنورها, بشعاعها, تكون ظاهرةً, وحتى لو افترضنا أن إنسانا وضع في قبو فإنه غالبا وعلى القاعدة يشعر بالشمس, يشعر بالنهار, لا يمكن لأحد ولا لجماعة ولا لإنس أو جن أو أي خلق من الخلائق أن يحجب هذه الشمس, هذا شئ واضح فطرة وبالبداهة, كذلك هو الحال بالنسبة إلى شمس أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) حتى وإن حاول الحاقدون عليهم الناصبون لهم العداء أن يحجبوا شعاع نورهم, وشمسهم المضيئة المتلألئة هذه, فلم يتمكنوا ولن يتمكنوا لأنها شمس الحق.
كثيرة هي المحاولات على مر التاريخ التي حاول فيها الحاقدون أن يحجبوا هذه الشمس أو أن يغطوها لكنهم فشلوا, هذه الشمس ظاهرة في كل مكان, في كل زمان, في كل شئ, في كتاب الله, في السنة المطهرة, على السنة الناس, في وجدان الناس, في البقاع, في الأمكنة, في الأثار, في كل شئ, مجرد أن يتحرك الإنسان المنصف في خط الحياة قليلاً بالبحث فإنه سيشعر بهذه الشمس كما أنه يشعر بهذا النهار ووجود الشمس فيه.
إثبات إمامة أهل البيت (عليهم السلام)
مناسبة هذا الحديث إذا يتذكر بعضكم في بعض المحاضرات السابقة ذكرنا أن هنالك ما نستدل به لإثبات إمامة أهل البيت (عليهم السلام), ولا يحتاج إلى كثير من العناء بمعنى أنك لو جابهت خصمك من غير الموالين المؤمنين, المخالفين لطريق أهل البيت تستطيع أن تستدل بهذه الموارد أو هذه المطالب على أحقية مذهبك على أحقية دينك وولاءك وعلى أحقية وثبوت إمامة أهل البيت (عليهم السلام) بمنتهى البساطة وبدون عناء.
ضربنا مثلا بآية التطهير بما أن هي تثبت إمامة أهل البيت (عليهم السلام) قطعا ولا تحتاج إلى كثير من النقاش, كيف؟؟ ماذا تقول لخصمك إذا ما جابهك وناقشك ؟ تقول له هل تؤمن بالقران ؟ يقول لك نعم, تقول له هل تؤمن بأن الله (عز وجل) قال في سورة الأحزاب}  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{ *33* ؟ يقول لك نعم, تقول له تؤمن بأن من نزلت فيهم هذه الآية الشريفة هم أهل البيت العترة المطهرة ؟ يقول لك نعم, تقول له هل تؤمن بأن علي بن أبي طالب هو زعيم هذه العترة المطهرة بعد رسو ل الله (صلى الله عليه وآله)؟ يقول لك نعم, فتقول له إذن, بشهادة الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الرجس منفيٌّ عن أهل البيت, وما هو الرجس؟ الرجس كل ذنب, هذا متفق عليه حتماً. فبمقتضى هذه الآية إذاً الرجس منفي عن علي بن أبي طالب ]أي أنه لا يمكن أن يرتكب ذنباً[, وقد ثبت بإجماع المسلمين بإجماع هذه الأمة سلفاً عن سلف جيلاً بعد جيل أنه بعد إرتحال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) واستشهاده طالب علي بالخلافة هذا ثابت عند الجميع غاية ما هنالك أن المخالفين يقولون أنه تراجع عن هذه المطالبة بعد ستة أشهر وبايع أبا بكر, ونحن نقول كلا.. لم يتراجع عن حقه.
فإذاً نحن وإياكم متفقون على أن علياً طالب بحقه في الخلافة وقال أنا الأحق من غيري وبشهادة الكتاب عليَ منفيً عنه الرجس منفيّ عنه الكذب, فإذاً لا بد هنا على اليقين أن يكون عليّ صادقاً فتثبت إمامة علي.
المسألة واضحة ولا تحتاج إلى مناقشة تسهب فيها, هذا واحد من النماذج فقط والنماذج عديدة.
إحفظوا هذه الطريقة في المناقشة حتى تفحمون خصومكم في كلمتين لا أكثر, كلامنا الأن في خصوص هذه الآية المباركة, المخالفون أسلافهم ومن اتبعهم وإلى اليوم تحيروا في هذه الآية, ماذا يصنعون فيها؟
هذه الآية من جهة تثبت عصمة أهل البيت ]منفيّ عنهم كل رجس كل ذنب[.
من جهة أخرى تثبت إمامتهم فبالتالي تبطل إمامة أعدائهم.
فماذا يفعلون بهذه الآية ؟ حاولوا أن يؤولوها تئويلاَ يصرفها عن معناها, المخالفون على مر التاريخ إستطدموا بالحقائق الواردة في أهل البيت سواء من الكتاب أو من السّنة , من الروايات التي في مصادرهم طبعاً, فدائماً يعمدوا على محاولة صرفها عن معناها فراراً عن إثبات حق أهل البيت وبالتالي إثبات حقانية الشيعة..
نموذج من نماذج محاولاتهم في صرف الإمامة عن الإمام علي (عليه السلام)
هل يختلف أحد الآن من الأمة على عترة نبيهم ؟ من هم؟ وعلى رأسهم من؟ هل يقول أحد مثلاً بأن عترة النبي الذين أمرنا أن نصلي عليهم في كل صلاة هؤلاء غير علي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) ومن إليهم من ذراريهم؟؟
كلا, غاية ما هنالك أن المخالفين يلحقون بهم زوجات الرسول وبعض أبناء الإمام الحسن وآل عقيل وآل العباس ومن أشبه هذا.
كلامنا.. هل يختلف أحد في أصل الموضوع أن عترة النبي هم قرابته؟ لا أحد يختلف, هذا عندهم المتبادر الآن في الأذهان أما في السابق إختلفوا وحاولوا أن يوهموا الناس أن عترة النبي ليسوا أقرباءه!!..عترة النبي ليسوا هم أهل البيت الذين يعرفهم كل المسلمين!! فإذاً من هم عترة النبي؟؟ نحن حينما نصلي على آل النبي من هم المقصودون؟ يقولون كل الأمة لماذا ؟ رووا حديثاً مكذوباً على رسول الله, اختلقوا حديثاً حتى يفروا من هذا الإشكال لا يريدون أن تثبت فضيلة واحدة لأهل البيت, منقبة واحدة لأهل البيت, حقيقة واحدة تخص حق أهل البيت على هذه الأمة, ومن حق أهل البيت على هذه الأمة مودّتهم والصلاة وعليهم وولايتهم ومحبتهم إلى ما هنالك مما تعرفون ويعرفون.
 إختلقوا حديثا تجدونه عند النووي في كتابه المجموع يرويه عن انس بن مالك (لعنة الله عليه), هذا الرجل الذي قال عليه الإمام الباقر (عليه السلام) ((كان أحد أكبر الثلاثة الكذابين على رسول الله, انس ابن مالك وأبو هريرة وعائشة)) ثلاثة أكبر كذابين على مرّ التاريخ.
انس بن مالك إخترق حديثاً كي يبعد الناس عن أهل البيت وعن حق أهل البيت, قال: ((سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هم آل محمد؟ قال ]على حد زعم انس بن مالك[ آل محمد كل مؤمن تقي)).. إذاً لا مزية لآل محمد الذين نعرفهم ولا اختصاص.
وروى حديثاً أخر يروونه في كتبهم ومصادرهم أن رسول الله قال " آلي أمّتي " وبالفعل جاء فقهاءهم وبنوا على ذلك أنه لا إختصاص لأهل البيت أبداً حتى أنهم كتبوا أشعاراً في ذلك..
الشوكاني أحد كبار علماءهم في كتابه نيل الأوطان ينقل هاتين البيتين عن نشوان الحميري وهو أحد جهابذة اللغة عندهم, أحد أعلام وأئمة اللغة, كتب هذين البيتين الذان ينمان عن خسته ودناءته ونصبه على أهل البيت:
آل النبي هم أتباع ملّتي من     الأعاجم والسودان والعرب
" كل هؤلاء يسيرون آل النبي حتى يكون واحد من الأعاجم من السودان أي كان "
لو لم يكن له إلا قرابته صلى    المصلي على الطاغي أبي لهب
"إذا كان كما يزعم الأخرون أن آل النبي هم قرابته, أبن عمه وأبنته وأبناءهما وقرابة النبي ولو بمعنى أبناء العباس وأبناء عقيل ومن اشبه وآل جعفر.. فإذاً يكون حين نحن نصلي على آل النبي نقول اللهم صل على محمد وال محمد وهذا الذي يذكرونه هم أيضا في صلاتهم كأنما نصلي أيضا على عم النبي أبي لهب وهو طاغي"
 بهذا الاستدلال السخيف الذي يظهر حقده على أهل البيت.. يريد أن يصرف معنى آل النبي الذي هو أوضح الواضحات عند كل الأمة, يريد أن يصرفه عن معناه الحقيقي, ولا أدري كيف يفوته (لعنة الله عليه) هذا الحميري "وشتان ما بين الحميري الذي نعرفه وهذا الحميري" كيف فاته أن من يكون ملعون وطاغياً حتى وإن كان من قرابة النبي (صلى الله عليه واله) فإنه يكون خارجاً عن هذا المعنى بالقطع واليقين.
وماذا يكون لو عمم معنى الآل على كل الأمة؟! لو عممه على كل الأمة أنه كل الأمة هم آل النبي فإذاً معنى ذلك نقع في نفس الإشكال الذي تقوله أنت!! معنى ذلك أننا نصلي على الفساق من هذه الامة أيضا حين نقول اللهم صل على محمد وآل محمد كأنما نصلي أيضا إذا قلنا آل محمد كل الأمة ففي هذه الأمة الظلمة الفجرة والفساق والزناة ومن يشرب الخمر والعياذ بالله!!
كل هؤلاء نصلي عليهم!! فبدل أن يكون إشكالك مخصص بأبي لهب الأن قد عممته على الكثيرين من الفجار والفسّاق !! كل هذا لماذا؟؟
الإرادة التكوينه آية التطهير
أنتم تعرفون على مر التاريخ كانت هناك جبهة مفتوحة على آل محمد يريدون إزهاق حقوقهم, دفنها, وجاءت الكرّة إلى آية التطهير, ماذا يفعلون في هذه الآية؟
قالوا كما تجدونه في بعض تفاسيرهم إرجعوا إلى تفسير هذا الهالك سيد قطب في ظلال القران تفسيره السخيف الهابط الضعيف, يقول في خصوص هذه لآية..
يقول: إرادة الله في هذه الآية حينما قال الله { إِنَّمَا يُرِيدُ } إرادته إرادة تشريعية لا تكوينية! ما معنى ذلك؟
" دققوا جيداً " أنتم بحمد الله مثقفون ذووا الباب وعقول لا يجب أن تكتفوا بالمباحث السطحية أو المقدمات, يجب أن تتعمقوا حتى تتمكنون من أن تنتصروا حتى مع أعلم علماءهم إذا خضتم معهم مناقشة أو مناظرة.
ما معنى قولنا أن الإرادة في هذه الآية إرادة تشريعية لا تكوينية ؟؟ أصلا ما هو الفرق بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ؟
"دققوا جيداً" الإرادة التكوينية هي التي لها النفاذ والتحقق في عالم الخارج فوراً, يعني لا مناص من تحققها وهي ترتبط بفعل المريد, يعني أن الله (عز وجل) حينما يريد أمراً فإنه تكويناً يتحقق بلا شك, بلا ريب, يريد خلق هذا العالم هل يمكن أن لا يتحقق هذا العالم ؟؟ كلا, أمرٌ له النفاذ, إرادة لها النفاذ, تتحقق من دون أي إحتمال أو أدنى إحتمال لأن تتأخر أو لا تتحقق, لابد أن توجد.
هذا هو معنى الإرادة التكوينية, وهي ترتبط بفعل المريد, هو الشخص الذي يريد إرادته التكوينية تتحقق.
تارةً تأتي الإرادة التكوينية منسوبة إلى الله عز وجل فيكون الفعل متحقق بشكل مباشر, تارةً تكون هذه الإرادة التكوينية منسوبة إلى خلقه, إلينا نحن.. نحن أيضا لدينا إرادة تكوينية, أنا أُهِم الأن بأن أنزل عن هذا المنزل أو أصعد هذا المنبر, هذه إرادة تكوينية فيها نفاذ تتعلق بفعلي أنا.
الفرق بين إرادتي أنا وإرادة الله عز وجل أن إرادة الله تتحقق لا محالة أما إرادتي أنا فتوسّطها حالة إنتظار, إذا وافقت مشيئة الله (عز وجل) تتحقق وإذا لم توافق فلا تتحقق, هذا هو الفارق.
أما نتيجة المِلاك ما هو؟ في الإرادة التكوينية أنها إرادة نافذة تتحقق تكويناً في عالم الخارج, في عالم الواقع, وترتبط بفعل المريد, هذا الارادة التكوينية.
الإرادة التشريعية ما هي؟ يعني الأمر والنهي أريد تشريعاً, بمعنى أنني آمر وأنهى فأعطي الإختيار للغير, أما لأن يأخذ بالأمر وإما لأن يأخذ بالنهي, فإذاً هذه الإرادة ليست تكوينية, يعني تتحقق لا محالة؟؟ لا.. وإنما ترتبط أيضاً بفعل الغير, ليس للضرورة أن ترتبط بفعلي أنا. كمثال على ذلك, "أنت حينما تطلب من إبنك أن يذهب ويحضر كوباً من الماء, حين تقول له أريد كوباً من الماء" هذه الإرادة هنا تشريعية لأنك أمرته بالإتيان بكوب من ماء ونهيته عن عدم الإمتثال عن ذلك, فإذاً الفعل يرتبط بالغير, إذا اتضحت عندكم هذه القاعدة.
تعالوا معي الآن إلى آية التطهير المباركة { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا *33*} يقول المخالفون كسيد قطب مثلا في تفسيره يقول: الإرادة هنا تشريعية بمعنى أن الله كأنه يقول لآل البيت "هكذا" أنا أريد منكم أن تصبحوا مطهّرين وتذهبوا عن أنفسكم الرجس, لكن هنالك إحتمال لأن يعصوا ام لا؟ نعم, لانها إرادة تشريعية مجرد الله يأمر وينهى, لا أنها تكوينية, يعني يخلق فعل الطهارة على نحو الجعل, على نحو التحقق اليقيني الخارجي, لا, وإنما ممكن بعض أهل البيت مثلا والعياذ بالله يصيبه الرجس, بعض أهل البيت يرتكب المحرمات.
الإرادة التشريعية أمر ونهي وأرشاد لا أكثر ولا أقل.
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ } يعني يا أهل البيت كونوا خيرة الناس.
هذا ما يريدون أن يتوصلوا إليه, لماذا؟ حتى ينفوا أن الإرادة في آية التطهير إرادة تكوينية فتثبت عصمة وإمامة أهل البيت لأننا إذا أثبتنا أنها إرادة تكوينية بمعنى أنها متحققة نفاذاً بأمر الله (عز وجل) تكويناً خارجياً ثابتاً على نحو الجعل فإنه تثبت هاهنا عصمة أهل البيت قطعاً وتثبت إمامتهم بالتبع لأنهم إدّعوا إمامتهم فيكفي هذا في تصديقهم بدلالة آية التطهير.
الرد على هذا الإشكال وبإيجاز
نقول المراد من الإرادة في قوله تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا *33*} إرادة تكوينية, بأي دليل؟
أولا بدليل كثرة الظهور والإستعمال في القران الكريم, حسب التتبع والإحصاء في كتاب الله (عز وجل) هنالك مئة وخمسة وثلاثون مورداً الله (عز وجل) ذكر في هذه الموارد الإرادة وكانت كلًها ظاهرة في الإرادة التكوينية, مئة وخمسة وثلاثين مورد مثل قوله تعالى { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } ففوراً يكون هذا ظاهر في أنه إرادة تكوينية تتحقق فوراً بلا شك, بلا ريب, مو مجرد أمر ونهي وإرشاد وما أشبه, { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } يتحقق لا محالة, نافذ.
مثل قوله تعالى أيضا: { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ*فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } إذا أراد فهذه الإرادة يفعلها, تتحقق بلا شك.
مثل قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } إذاً هي إرادة تكوينية, هل يمكن أن لا يدخلوا الذين آمنوا وعملوا الصالحات الجنات ؟ هل يمكن أن لا يدخلوا ؟ أبداً .. إعكس تعرف, في هذا المورد يكون إرادة تكوينية أو إرادة تشريعية ؟ إرادة تكوينية.
إذن لدينا مئة وخمسة وثلاثين مورد إرادة تكوينية في القران وليس لدينا في المقابل إلا ثلاثة موارد فقط إستعمل الله (عز وجل) فيها لفظة الإرادة وهي ظاهرة في أنها إرادة تشريعية, فقط ثلاثة موارد.
الموارد الثلاثة الذي استخدمت فيها الإرادة التكوينه في القرآن الكريم
أولا: آية الوضوء والتيمم.
 قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هنا يريد ليطهّركم لاي معنى ؟ إرادة تكوينية أم تشريعية ؟ تشريعية, لماذا لأن الآية واضحة في مقام التكليف, في مقام الأمر والنهي, يأمركم بالوضوء وبالتيمم إذا لم تجدوا ماء, { مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } إذاً واضح هنا لأن هناك تكاليف واضحة في هذه الآية.
بهذه القرينة نقول إن الإرادة هاهنا إرادة تشريعية وليست تكوينية.
ثانيا: هناك آية أخرى " للعلم هذه الآيتان نستدل بهما على رفع العسر والحرج " أية الصوم
قال تعالى { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } هنا حين نقول يريد بكم اليسر لا يعني إرادة تكوينية إنما إرادة تشريعية يعني الله يريد أن يوصل لنا رسالة أنا شرعت أحكاماً وضعت لكم تكاليف هذه التكاليف ميسرة أريد بسنّي لهذه التكاليف تشريعي لهذه التكاليف أن أيسر عليكم ولا أعسر عليكم.
هذه الثلاث موارد فقط عندنا في القران ظاهرة في أنه إستعمل الله عز وجل لفظة الإرادة ومشتقاتها إستعملها في الاردة التشريعية فإذاً كثرة الإستعمال تعطينا مِلاك أو قاعدة.
القاعدة في الإرادة التشريعه
" إنه أينما وجدنا في القران الكريم لفظة إرادة منسوبة إلى الله (عز وجل) فهذه الإرادة تكوينية إلا أن تقوم القرينة على صرف هذه الإرادة عن التكوين إلى التشريع, وهذه القرينة لا تكون إلا التكاليف.
طيب الآن ركزوا معي جيداً وتنبهوا جيداً { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قل للمخالف إرادة تكوينية أم تشريعية ؟ يقول لك تشريعية, قل له أين القرينة ؟
القاعدة أن الإرادة إذا جاءت تكون تكوينية إلا إذا قامت قرينة تصرفها عن معناها إلى الإرادة التشريعية وهذه القرينة تكون في التكاليف أي أن الآية يكون فيها وضوح في التكاليف في أحكام معينة.
لا وجود في الآية لأحكام ترتبط بأهل البيت حتى يقال أن الله (عز وجل) حينما يقول " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ " هذه إرادة تشريعية فإذاً يثبت قطعاً وجزماً أن الإرادة هاهنا إرادة تكوينية.
ما معنى إرادة تكوينية ؟ أي أنه لا محالة هذا التطهر ونفي هذا الرجس عن أهل البيت لا محالة واقع ونافذ ليس لكم أن تفروا عن ذلك أبداً.. أبداً.
هذا كله بعد طي السّجل أو طي الصفحة عن النقاش العقيم في مسئلة أن هذه الآية تشمل زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) أم لا ؟
لا أدري هذا النبي ماذا عليه أن يفعل أكثر مما فعل لكي يقنعهم أن هذه الآية واردة في خصوص أهل بيته الطيبين الطاهرين وليست واردة في زوجاته أكثر من أن تأتي أم سلمة وتقول كما روته صحاحهم " وأنا معكم يا رسول الله " كما تعلمون جميعا حينما غطى أهله بالكساء اليماني فيقول لها " أنك على مكانك وأنت على خير " أخرجها من دائرة أهل البيت المخصوصة, أكثر من أنه رسول الله كما تروي صحاحكم في كل صلاة كان يأتي ويطرق الباب على علي وفاطمة (صلوات الله عليهما) فيقول لهم الصلاة, الصلاة رحمكم الله { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }!! أين في مصادركم ورواتكم مورداً واحد أن رسول الله ذهب إلى باب إحدى زوجاته فطرقه وقال { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } ؟؟ أين مورد واحد هاتوا لنا أن عائشة مثلاً أو حفصة أو غيرهما من الزوجات إستشهدوا في هذه الآية في أنها نزلت فيهن مع حاجتهن إليها يعني عائشة في معركة الجمل كانت تريد أن تختلق لنفسها أيات وردت في فضلها, لم تستدل في هذه الآية أبداً.
هذه الآية وردت فقط في أهل البيت (عليهم السلام) وهي ظاهرة في أنها إرادة تكوينية لا تشريعية, على حسب القواعد القرانية والعلمية لا يمكن لكم أن تفروا عن هذه الحقيقة فإذا ما دامت الإرادة التكوينية بمعنى أنها نافذة ومتحققة في عالم الخارجي لا محالة فتثبت إذاً مسالة أو حقيقة نفي الرجس عن أهل البيت وتثبت طهارتهم عن كل رجس ودنس وكل عيب وكل ذنب بل وكل خطأ أنهم طاهرون مطهرون نقيّون وما داموا قد طالبوا وادّعوا على مرّ التاريخ هذا وصل الى فوق حد الإستفاضة وصل حد التواتر بل أعلى درجات التواتر الإجمالي والمعنوي أن أهل البيت طالبوا بحقهم في الخلافة وقالوا أن الخلافة حق لنا فلا يمكن لكم أن تنسبوا أهل البيت (عليهم السلام) إلى الكذب وإلا كذبتم بالقران..
الإمامة حق لعلي بنص آية التطهير
الله نفى الكذب عن أهل البيت في هذه الآية, نفى صدور أدنى ذنب بل حتى ترك للاولى عنهم في هذه الاية.. فإذاً يجب عليكم أن تؤمنوا بأن أهل البيت ثابتة إمامتهم (صلوات الله عليهم) وفي المقابل ما دام قد ثبتت هذه الآية وثبت إنطباقها على أهل البيت بالنحو الذي قررناه فإنه يثبت أيضا كفر أعداءهم وغاصبي حقوقهم لماذا ؟؟
لانهم كذبوا بهذه الآية. كان أبو بكر "دقق" كان أبو بكر ومن مقابله ؟ علي بن أبي طالب, أبو بكر أخذ الخلافة, علي بن أبي طالب جاءه وقال أعطني حقي.. أبو بكر لم يعطه..
من الظالم ومن المظلوم ؟ من المؤمن ومن الكافر ؟ علي مؤمن وهو المظلوم بدلالة هذه الآية لأنه لا يمكن أن يصدر عنه كذب أبداً منفي عنه الرجس مطهر عن كل ذنب فطالب بحقه فإذاً يثبت بذلك أن أبا بكر كان هو الظالم, وكان هو الكافر, لأنه كفر بالقران, جاءه علي الذي نص الله على عصمته وطهارته وأنه لا ينطق إلا بالحق, كذّبه لم يسلمه الخلافة فإذاً يثبت عندنا أن أبا بكر وعمر وكل من نصّب نفسه في منصب علي بن أبي طالب يكون كافراً بلا شك ولا ريب.
أما قولهم أن " أمتي آلي " كما نسبوا إلى رسول الله زورا وبهتانا فقد كفانا مقولة الرد على ذلك سيدنا ومولانا السلطان الرضا (صلوات الله وسلامه عليه), كلكم عرفتم وتعرفون بمجلس المناظرة الذي عقده المأمون بين الامام الرضا وعلماءهم وعلماء كل الأديان فكان من بين المسائل التي حاولوا أن يكسروا بها الإمام الرضا هذا الحديث المكذوب أنه رسول الله قال "أمتي آلي" يعني كل الأمة آل الرسول.. أنتم لا ميزة لكم ولا شرف, فماذا رد عليهم الرضا (عليهم السلام) في جواب قاسم لظهورهم ؟ قال لهم "أخبروني هل تحرم الصدقة عليكم أم علينا؟" إذا قلتم كلكم آل رسول الله إذن كلكم يجب أن تحرم عليكم الصدقة هل تقولون بذلك ؟ نكثوا رؤوسهم وبانت فضيحتهم قالوا لا يابن رسول الله إنما حرمت الصدقة عليكم فقال: نحن العترة ونحن الآل هم فقط (صلوات الله عليهم) المخصوصون بهذه الآية.
 كل محاولات تزييف الحقائق وتغطية هذه الشمس وحجبها لا تنفع, محاولات خاسرة فاشلة سلفاً, أهل البيت طاهرون مطهرون معصومون بل إنهم طهوريون بمعنى أنهم يطهرون غيرهم من يلتحق بهم من يصل اليهم من يصل في خدمتهم من يحبهم ومن يتولاهم يطهرونه.
الشاهد
اقرءوا في زيارة الزهراء البتول (صلوات الله وسلامه عليها) في نهاية الزيارة المختصرة العظيمة المعاني ماذا ورد ( فإنا نسألكِ إن كنا صدقناك أن تلحقينا بتصديقنا لهما" لمحمد وعلي (عليهما السلام) " لنبشر أنفسنا بأن طهرنا بولايتك )
الله اكبر.. مو فقط هم طاهرون يطهروننا نحن أيضا.
تبارك الذي قال: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }
وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp